هذا سؤال يثير الجدل والنقاش بين الباحثين والممارسين في مجال القيادة والإدارة. فهل القيادة صفة فطرية أم مهارة مكتسبة؟ وهل الأعمال تحتاج إلى قادة موهوبين أم مدربين؟ وهل هناك علاقة تبادلية بين الأعمال والقادة أم علاقة سببية؟
في هذا المقال، سأحاول استعراض بعض الآراء والنظريات المختلفة حول هذا الموضوع، وأسأل الله التوفيق والسداد.
القادة يولدون أم يصنعون؟
هذا سؤال قديم قدم الإنسان نفسه. فهل القادة يمتلكون صفات خاصة تجعلهم يبرزون عن الآخرين منذ ولادتهم، أم أنهم يتطورون ويتعلمون كيف يصبحون قادة من خلال تجاربهم وتدريباتهم في حياتهم؟
هناك نظريتان رئيستان في هذا المجال: نظرية القيادة المحددة بالموقف (Contingency Theory)، ونظرية القيادة التحويلية (Transformational Theory).
- نظرية القيادة المحددة بالموقف: ترجع هذه النظرية إلى القرن العشرين، وتقول إن القيادة تتغير وتتكيف حسب الموقف والظروف المحيطة. فلا يوجد أسلوب قيادي واحد يناسب جميع الحالات، بل يجب على القائد أن يستخدم مزيجاً من الأساليب المختلفة حسب طبيعة العمل، وخصائص المرؤوسين، ومتطلبات المنظمة. وتستشهد هذه النظرية بأمثلة من التاريخ على قادة استطاعوا التكيف مع المواقف المختلفة، مثل عبد الناصر، وغاندي، وروزفلت، وغيرهم.
- نظرية القيادة التحويلية: تطورت هذه النظرية في نهاية القرن العشرين، وتقول إن القيادة تستطيع تغيير وتحسين الأعمال من خلال رؤية استراتيجية وإلهامية، وتحفيز المرؤوسين للتفاني والابتكار، وخلق ثقافة تعاونية وتشاركية. فالقائد التحويلي لا يكتفي بإدارة الأعمال بشكل روتيني، بل يسعى لإحداث نقلة نوعية فيها. وتستشهد هذه النظرية بأمثلة من التاريخ على قادة قاموا بإصلاحات جذرية في الأعمال، مثل ستيف جوبز، وجاك ما، وإيلون ماسك، وغيرهم.
إذًا، يمكن أن نستنتج أن القيادة تصنع الأعمال عندما تكون قادرة على التأثير في سيرورة الأعمال وزيادة كفاءتها وفعاليتها. كما أن الأعمال تصنع القيادة
في هذا المقال، تناولنا موضوع هل الأعمال تصنع القادة والقادة من تصنع الأعمال؟ واستعرضنا بعض الآراء والنظريات المختلفة حول هذا الموضوع. وتبين لنا أن القيادة والأعمال هما متغيران مترابطان ومتبادلان التأثير، وأنه لا يمكن فصلهما عن بعضهما. فالقيادة تحدد مدى نجاح الأعمال، والأعمال تحدد مدى تطور القيادة. ولذلك، يجب على كل قائد أن يسعى لتحسين مهاراته وخصائصه القيادية، وكذلك يجب على كل منظمة أن تسعى لتوفير بيئة عمل ملائمة وتحديات محفزة للقيادة. وبهذا نكون قد انتهينا من كتابة المقال، وأسأل الله التوفيق والسداد.