وهم التحكم
وهم التحكم

وهم التحكم

وهم التحكم هو مصطلح نفسي يشير إلى ميل الناس إلى المبالغة في تقدير قدرتهم على التأثير على الأحداث التي تحدث في حياتهم أو في العالم من حولهم. وهو أحد أنواع الأوهام الإيجابية التي تساعد الناس على التكيف مع الضغوط والتحديات والغموض. ولكن في بعض الأحيان، قد يكون وهم التحكم ضاراً بالصحة النفسية أو الجسدية أو الاجتماعية أو المهنية للفرد.

أول من سمى هذا الظاهرة هي عالمة النفس إيلين لانغر في عام 1975، عندما أجرت تجارب لقياس مدى تأثير الخيار والانخراط والتورط على شعور الناس بالتحكم. وجدت لانغر أن المشاركين في تجاربها كانوا يظنون أنهم يستطيعون التحكم في نتائج بعض الألعاب العشوائية مثل رمي النرد أو سحب بطاقات، إذا ما سمح لهم باختيار بعض الخيارات أو التفاعل مع المواد أو الملاحظة المباشرة. كما وجدت لانغر أن هذا الشعور بالتحكم كان يزيد من المشاركة والإبداع والتعلم والصحة للأفراد.

ولكن كيف ينشأ وهم التحكم؟ هناك عدة عوامل تساهم في تشكيل هذا الانحياز، منها:

  • الشخصية: بعض الأشخاص يكونون أكثر اعتقاداً بقدرتهم على التحكم من غيرهم، خصوصاً إذا كانوا يتمتعون بثقة عالية بالنفس أو احتياج قوي للسيطرة أو انخفاض في قبول المسؤولية.
  • الخبرة: بعض التجارب تزيد من شعور الفرد بالتحكم، خصوصاً إذا كانت تتضمن نجاحات متكررة أو ردود فعل إيجابية أو تشابه مع حالات سابقة.
  • الثقافة: بعض المجتمعات تشجع على قيم الاستقلالية والفردية والابتكار، بينما تشجع بعضها على قيم التبعية والجماعية والتقليد. هذه القيم تؤثر على مستوى التحكم المتوقع من قبل الفرد.
  • الظروف: بعض المواقف تزيد من شعور الفرد بالنفس.

ولكن كيف يمكن للفرد التغلب على وهم التحكم وتطوير قدرة أكبر على التمييز بين ما هو قابل للتحكم وما هو خارج سيطرته؟ هناك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها، مثل:

  • تقبل الواقع: بدلاً من الهروب من المشاعر السلبية التي تثيرها الأحداث غير المتوقعة أو غير المرغوبة، يجب على الفرد مواجهتها بشجاعة وصدق وتحمل المسؤولية عن دوره فيها. يجب أن يتعلم الفرد أن يقول “لا أستطيع التحكم في كل شيء” و”أحترم حرية الآخرين” و”أقبل النتائج كما هي”.
  • تطوير التفكير النقدي: بدلاً من الانسياق وراء الانطباعات الأولية أو الخيالات الزائفة، يجب على الفرد تحليل الأحداث بعقلانية ومنطقية وأدلة موثوقة. يجب أن يسأل الفرد نفسه “هل هذا حقيقي؟” و”هل هناك دليل على ذلك؟” و”هل هناك تفسيرات بديلة؟”.
  • تعزيز الثقة بالنفس: بدلاً من الاعتماد على الأوهام لتعزيز شعوره بالكفاءة والقيمة، يجب على الفرد تطوير مهاراته وقدراته وإنجازاته بشكل حقيقي وملموس. يجب أن يحدد الفرد أهدافاً واقعية ومحددة وقابلة للقياس، وأن يخطط لتحقيقها بخطوات صغيرة ومنظمة، وأن يحتفل بالنجاحات ويتعلم من الفشل.
  • طلب المساعدة: بدلاً من محاولة حل كل المشكلات بمفرده أو فرض رأيه على الآخرين، يجب على الفرد التعاون مع الآخرين والاستفادة من خبراتهم وآرائهم وإبداعاتهم. يجب أن يتعلم الفرد أن يقول “أحتاج إلى مساعدتك” و”أود أن أسمع رأيك” و”أشكرك على مساندتك”.

تعريف وهم التحكم

وهم التحكم هو ميل الناس إلى المبالغة في تقديرهم لقدراتهم على التحكم بالأحداث التي لا يمكنهم التأثير عليها بشكل واضح. هذا الوهم يساعد الناس على تجنب القلق والشعور بالكفاءة والتفاؤل، لكنه قد يؤدي أيضا إلى اتخاذ قرارات خاطئة أو مخاطرة زائدة. وهم التحكم يظهر في مواقف مختلفة، مثل المقامرة، أو التجارة المالية، أو الشراء عبر الإنترنت. يتأثر وهم التحكم بعوامل مثل الانحياز الإيجابي، أو الارتجاع المؤكد، أو حاجة الناس للتحكم، أو درجة المألوف والتنافس.

طرق تقليل وهم التحكم

بعض الطرق التي قد تساعد على تقليل وهم التحكم هي:

  • تنظيم الوقت والأولويات بشكل جيد وتجنب التأخير والاندفاع في العمل أو الدراسة.
  • إعادة التفكير في نمط الحياة وتبني عادات صحية مثل النوم الكافي والغذاء المتوازن وممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين والكحول.
  • الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي من الأهل والأصدقاء أو المهنيين المختصين في حال الشعور بالقلق المستمر أو الاكتئاب.
  • التغيير من طريقة التفكير السلبية إلى التفكير الإيجابي والواقعي والتركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة والأهداف المرجوة.
  • تحديد هدف للحياة يجعلها معنوية وسعيدة ويشعر بالرضا عن نفسه وإنجازاته.

فوائد وهم التحكم

قد يكون هناك بعض الفوائد لوهم التحكم في بعض الحالات. مثلا:

  • وهم التحكم قد يساعد على تجنب القلق والخوف من المواقف التي لا يمكن التنبؤ بها أو التحكم فيها، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأمراض.
  • وهم التحكم قد يزيد من الثقة بالنفس والتفاؤل والإرادة والتحدي، مما قد يؤدي إلى تحسين الأداء في بعض المجالات مثل الرياضة أو الأعمال أو التعليم.
  • وهم التحكم قد يشجع على خوض تجارب جديدة وتعلم مهارات جديدة وتطوير الذات، مما قد يزيد من السعادة والرضا عن الحياة.

اختلاف وهم التحكم من شخص لآخر

وهم التحكم يختلف من شخص لآخر بحسب عوامل مختلفة مثل:

  • الشخصية والميول النفسية للفرد، فبعض الأشخاص يكونون أكثر تسلطاً ونرجسية وتفاؤلاً من غيرهم.
  • الخبرات والتجارب التي مر بها الفرد في حياته، فبعض الأشخاص يتعرضون لمواقف صعبة أو مؤلمة أو مهينة تجعلهم يشعرون بالضعف أو الخوف أو الغضب أو الانتقام.
  • الثقافة والبيئة التي ينشأ فيها الفرد، فبعض المجتمعات تشجع على الاستقلالية والحرية والابتكار، بينما تشجع بعضها على الانقياد والطاعة والتقليد.
  • الحالة الصحية والنفسية للفرد، فبعض الأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية أو عضوية تؤثر على قدرتهم على التحكم في نفسهم أو في محيطهم.

مثال على وهم التحكم

وهم التحكم
وهم التحكم

بعض الأمثلة على وهم التحكم في حياتك قد تكون:

  • عندما تظن أنك تستطيع التأثير على نتيجة مباراة كرة قدم بارتداء قميص معين أو الجلوس في مكان معين أو القيام بطقوس معينة.
  • عندما تظن أنك تستطيع التأثير على حظك في اليانصيب بشراء تذكرة من محل معين أو اختيار أرقام معينة أو الصلاة بطريقة معينة.
  • عندما تظن أنك تستطيع التأثير على سلوك شخص ما بالتفكير فيه بشكل إيجابي أو سلبي أو بإرسال رسائل غير مباشرة أو بالتلاعب بمشاعره.
  • عندما تظن أنك تستطيع التأثير على صحتك بتجنب بعض الأطعمة أو المشروبات أو الأدوية دون استشارة طبية أو باتباع نصائح غير موثوقة من الإنترنت أو الأصدقاء.

نظرية إيلين لانغر

إيلين لانغر هي عالمة نفس في جامعة هارفارد وأول امرأة تعمل في علم النفس في هذه الجامعة. اهتمت لانغر بدراسة العقلانية والسلوك الطائش والشيخوخة واتخاذ القرار. نظريتها تقول إن العقلانية هي حالة ذهنية تتميز بالانفتاح والانتباه والتفكير النقدي. تعتقد لانغر أن العقلانية تؤدي إلى صحة أفضل وإبداع أكبر وسعادة أكثر. كتبت لانغر عدة كتب عن نظريتها مثل “العقلانية” و”عكس عقارب الساعة” و”أحداث مفتوحة” و”أحداث مفتوحة 2″.

أضرار وهم التحكم

قد يكون هناك ضرر من وهم التحكم في بعض الحالات. مثلا:

  • وهم التحكم قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة أو مخاطرة زائدة أو تجاهل الحقائق أو النصائح المهمة، مما قد يسبب خسائر مالية أو صحية أو عاطفية.
  • وهم التحكم قد يؤدي إلى تعرض الشخص للخيبة أو الإحباط أو الغضب أو الاكتئاب عندما لا تتحقق توقعاته أو رغباته، وقد يفقد الثقة بنفسه أو بالآخرين أو بالحياة.
  • وهم التحكم قد يؤدي إلى تعطيل العلاقات مع الآخرين، فالشخص المهووس بالتحكم قد يصبح متسلطاً أو متعجرفاً أو متلاعباً أو متنافساً بشكل سلبي مع من حوله، وقد يفقد احترامهم أو تقديرهم أو حبهم.

عن سالم العنزي

كاتب في صحيفة مكة. مهتم في الإدارة وتطوير المنتجات الرقمية. كتاباتي تدور حول الانسان والإدارة و المنتج و التسويق. للتواصل عبر حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *