القصة ابلغ من الف حقيقة

يموت في سوريا يومياً العشرات من الابرياء. ولكن, لاحد يتذكرهم في اليوم التالي. ويصبحون مجرد رقم في قائمة طويلة. ولكن الجميع لازال يتذكر قصة الطفل السوري آلان الكردي; الذي مات غرقاً وانتشرت صورته ممداً على شاطئ تركي حول العالم. ورغم ان طلبان اعدمت وقتلت الكثير من النساء والاطفال والابرياء في افغانستان والباكستان الا أن الجميع لايتذكر الا قصة ملالا التي نجت من هجوم مسلح على حافلة مدرسية. جُبل الانسان على نسيان الارقام و الاحداث ولكنه لن ينسى قصة تلامس وجدانه وتدغدغ عواطفه. 

قوة القصة

تعتبر القصة واحدة من اقوى الادوات والتقنيات الني يمكن استخدمها للتفاعل مع الناس والجمهور والتأثير على رأيهم وتغيير قناعاتهم. تتميز القصة الفردية عن الارقام والاحصائيات انها اداة فعاله في ملامسة الاحساس والعواطف. القصة تربط المعلومة بالعاطفة. انها تعطي اللون والعمق للمعلومة وتسمح للأشخاص بتوصيل الرساله بطريقة اكثر عمق وتأثير وجدوى. تكمن قوة القصة في انها تضع الانسان في قلب الحدث وتخبرنا كيف يجب ان نشعر وكيف يجب ان نتفعل مع الحدث.  

تأثير القصة على الدماغ

يقول ليو ويدريتش في بحثه (علم رواية القصص): ان الدماغ يتفاعل كيميائياً مع القصة كما لو انها حدثت للإنسان نفسه. فبعد ان يتم تنشيط أجزاء معالجة اللغة في الدماغ وعن طريق اشراك القشرة الحركية (الحسية) يقوم الدماغ باستقبال القصة والتفاعل معها كما لو انها حدثت للإنسان نفسه. وكل ذلك يؤدي إلى تجربة أكثر ارتباطًا وثراءً للمعلومة المراد ايصالها. و تظهر ابحاث اخرى ان المعلومة المربوطة بالقصة يتم تذكرها 22 مرة اكثر من القصص المرتبطة بحقائق مجرده.  

القصة في مجال الاعمال

في مجال الاعمال والتسويق, يتم استخدام القصة في كل مكان وفي كل وقت. فشركة المعدات الرياضية لن تخبرك عن جودة منتجاتها, بل ستخبرك عن الرياضي الفائز بالميدالية الذهبية وكيف ان منتجها المحدد قد ساهم في تحقيق الفوز. وشركة الشوكولاته لن تخبرك عن حلاوة مذاق قطعة الشوكولاته بل ستخبرك عن لحظات اللقاء. وشركة القهوة لن تخبرك عن جودة حبوب القهوة بل ستشاركك قصة الصباح الجميل مع كوب القهوة. يقول نيك مورغان من مجلة هارفارد بزنس ريفيو (في عصرنا المشبع بالمعلومات, لن يسمع لك احد مالم ترو قصة, الحقائق والارقام وكل الأشياء المنطقية التي نعتقد انها مهمة لن تعلق في ذهن احد).و كذلك نلاحظ في الاونه الاخيرة ان القنوات الاخبارية و الصحف اصبحت تركز على الانسان اكثر من الارقام وعلى القصص اكثر من الاحصائيات.   

تجربة عملية

ولإختبار قوة تأثير القصة, قام روب ووكر الصحفي في مجلة نيويورك تايمز بشراء 200 قطعة رخيصة وغير ذات قيمة حقيقة من موقع اي باي (متوسط سعر الشراء كان اقل من 4 ريال للقطعة). موزة بلاستيكية و مطرقة خشبية قديمة واشياء من هذا القبيل. لم تكن هذه القطع تعني اي شي ولا تملك اي قيمة.

قام الباحث بالتواصل مع 200 كاتب محترف وطلب منهم المشاركة في بحثه عن طريق كتابة قصة لكل واحدة من القطع التي اشتراها. ومن ثم عرض جميع القطع عن طريق نفس الموقع. ولكنه اضاف قصة لكل واحدة من هذه القطع. وحدث ماكان يتوقعه. تم بيع القطع بسعر اعلى من سعر الشراء. فالقطع التي كلفته 740 ريال باعها بإجمالي 30 الف ريال. لماذا قام الناس بشراء هذه القطع بهذه الاسعار. الاجابة بإختصار لانه تعامل مع مشاعرهم وعواطفهم. عندما تتملكنا هذه المشاعر, نصبح اقل موضوعية واقل منطقية. وننخدع بسهولة في تصديق اشياء غير حقيقية او شراء اشياء بدون الحاجة لها او بسعر مضاعف.  

عن سالم العنزي

كاتب في صحيفة مكة. مهتم في الإدارة وتطوير المنتجات الرقمية. كتاباتي تدور حول الانسان والإدارة و المنتج و التسويق. للتواصل عبر حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *