كان الهدف والفكرة الاساسية من اطلاق العملات الرقمية عموماً والبيتكوين خصوصاً هو خلق اصول جديدة تنافس الاصول التقليدية مثل الذهب في الاستقرار والقوة بعيداً عن التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية. ولكن يبدو أن هذه الفكرة اصبحت موضع شك خلال السنتين الاخيرة مع ازمات مثل جائحة كورونا و الازمة الروسية الأوكرانية. لذلك فقد بدأ العديد من المحللين والمستثمرين في إعادة دراسة وضع العملات الرقمية كذهب رقمي يمكن الاعتماد عليه في حال وجود تقلبات في الاسواق العالمية.
وبعيداً عن العملات الرقمية الاخرى التي تعاني من تقلبات كبيرة حيث أن بعض العملات الرقمية فقدت 99.999% من قيمتها مثل عملة LUNA و عملات أخرى اختفت وتبخرت من الاسواق الرقمية. إلا ان البيتكوين لاتزال تملك الفرصة لتكون منافس حقيقي كأصل مستقر يمكن الإعتماد عليه. إلا أن قدره البيتكوين على توفير الحماية الكاملة خلال فترات اضطراب السوق لاتزال موضع تساؤل عند العديد من المستثمرين حيث تحرك سعرها جنبًا إلى جنب مع الأصول الاكثر خطورة مثل الأسهم والسندات. بينما لم تكن مستقرة استقراراً كاملا مثل الذهب وبعض المعادن الاخرى.
خلال الاسابيع الاخيرة, مرت الأسهم بأوقات صعبة، حيث شهدت المؤشرات الرئيسية انخفاضات كبيرة مع انخفض مؤشر داو جونز، وهو مؤشر مرجعي يحتوي على أسهم 30 شركة كبيرة. وقد اثرت هذه الانخفاضات بشكل مباشر على اسواق العملات الرقمية. فقد عانت العملة الرقمية الأبرز في العالم من بعض الخسائر الملحوظة، حيث انخفض سعر البيتكوين مقابل الدولار من 47 دولار للبيتكوين في نهاية مارس الماضي حتى وصلت الى 28 دولار خلال الاسبوع الماضي.
وعند مراقبة اوضاع الاسواق المالية العالمية و اسعار الذهب و مقارنتها بالعملات الرقمية خلال السنتين الماضية وخصوصاً خلال اوقات الازمات مثل جائحة كورونا و الازمة الأوكرانية نلاحظ بشكل واضح وجود علاقة جوهرية بين الاسواق المالية و اسواق العملات الرقمية مع اختلاف بسيط مع اسعار الذهب. يقول جولدشتاين ، أستاذ المالية والاقتصاد في كلية وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا: “يعتقد الناس بأن العملات الرقمية لن تتحرك او تتأثر عند تقلبات السوق المالية التقليدية ولكن مايحدث عكس ذلك”.
ولابد من الاشارة الى ان متتبع الاسواق المالية و العملات الرقمية يجد ترابط واضح حيث بلغت جميعها القمة خلال 2018 ومن ثم بدأت تعاني من عمليات البيع والانخفاض خلال ازمة كورونا عام 2019 وبعد التعافي من الجائحة عادت جميعها (الاسواق المالية والعملات الرقمية) الى الصعود مرة اخرى حتى وصلت قمة جديدة قبيل الازمة الاوكرانية حيث انخفضت الاسعار من جديد. ولكن في الجانب الاخر نلاحظ ان سعر الذهب قد ارتفع بأكثر من 5% خلال الأزمة في أوكرانيا بينما كانت جميع الاصول الاخرى تعاني من انخفاضات واوقات صعبة.
وهذا لايعني ان الأصول التقليدية مثل الذهب والفضة تعتبر ملاذات امنة دائماً وفي جميع الاوقات. حيث انها عانت هي الاخرى من فترات ركود وانخفاض. حيث يقوم بعض المستمثرين بتبديل وتغيير مراكزهم المالية خلال الازمات وعند الاضطرابات في الاسواق العالمية.
أخيراً, قد يكون هناك شك وتساؤل حول مدى إعتبار الاستثمار في العملات الرقمية والبيتكوين كملاذ إستثمار آمن اليوم ولكن بكل تأكيد هي مرشحة لأن تكون كذلك خلال السنوات القادمة. حيث انها تحتاج الى الكثير من التنظيم و الإستقرار مع الزمن. ولكن خلال الوقت الحالي من الواضح أن البيتكوين ليست “الذهب الجديد” ، حيث انها فقدت ما يقرب من نصف قيمتها في يوم تداول واحد خلال ازمة كورونا.